سوء معاملة الأطفال والمراهقين (Child and Adolescent Maltreatment)

شارك الموضوع:

من خلال هذه الصفحة سيتم الإجابة على تساؤلاتك عن سوء معاملة الأطفال والمراهقين.

ما هو سوء معاملة الأطفال والمراهقين؟

يشير سوء معاملة الأطفال والمراهقين إلى أي نوع من الإيذاء أو الإهمال الذي يتعرض له الأفراد دون سن 18 عامًا. يمكن أن يشمل ذلك الإيذاء الجسدي أو العاطفي، أو الإساءة الجنسية، أو الإخفاق في تلبية الاحتياجات الأساسية للطفل. وغالبًا ما تحدث هذه التصرفات المؤذية في إطار علاقة قائمة على الثقة، مثل علاقة الطفل بوالديه، أو بمقدمي الرعاية مثل الأهل، أو معلم، أو أي شخصية سلطوية أخرى. ويمكن أن يؤدي سوء المعاملة إلى آثار تظهر على الفور، مثل الإصابات الجسدية أو الاضطرابات السلوكية، أو آثار طويلة الأمد تمتد إلى مراحل لاحقة من الحياة، مثل مشكلات الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية، وتراجع الإنجاز الدراسي، وزيادة خطر تكرار دائرة العنف، بشكل يؤثر على صحة الطفل ونموه.

 

لماذا يُعد هذا الأمر مهمًا؟

يُعد سوء المعاملة مصدر قلق عالمي في مجال الصحة العامة لما له من عواقب خطيرة ودائمة، قد تؤثر في حياة الطفل حتى بعد سنوات من وقوعها. وتشير التقديرات إلى أن نحو 40,000 طفل دون سن 18 عامًا يموتون كل عام نتيجة لأعمال عنف، كثير منها يقع ضمن نطاق سوء المعاملة من قِبل بالغين في دائرة الثقة، مثل الوالدين أو مقدمي الرعاية.

 

إلا أن جزءًا كبيرًا من هذه الوفيات لا يُسجَّل رسميًا على أنها ناجمة عن سوء المعاملة، بل تُوثَّق في السجلات الطبية على أنها ناتجة عن “حوادث غير مقصودة”، مثل الغرق أو السقوط أو التسمم. ويحدث ذلك إما بسبب نقص الأدلة المباشرة، أو لأن التحقيقات لا تكشف عن خلفية العنف الفعلي.

 

وبالإضافة إلى الوفيات، فإن سوء المعاملة يرتبط بمشكلات صحية طويلة الأمد مثل الاكتئاب، والقلق، وتعاطي المواد المخدرة، والسمنة، وحتى الأمراض المزمنة كأمراض القلب. كما أنها تعطل تطور الدماغ في وقت مبكر من الحياة، وتزيد من احتمالات التسرب من المدرسة (ترك الدراسة)، والبطالة، وتكرار دائرة العنف بين الأجيال

 

أنواع سوء المعاملة:

هناك أربعة أنواع رئيسية لسوء معاملة الأطفال والمراهقين:

 

  • الإيذاء الجسدي: استخدام القوة عمدًا مثل الضرب أو الهز العنيف أو الحرق.
  • الاستغلال المخلّ ببراءة الطفل (الاستغلال الجنسي): ويشمل إجبار الطفل أو استدراجه إلى أفعال لا تليق ببراءته مثل اللمس غير اللائق، التعدي القسري (الاغتصاب)، أو تعريضه لمحتوى فاضح أو كلمات خادشة.
  • الإيذاء العاطفي: يشمل كل سلوك أو تصرف يتعمد الإساءة إلى مشاعر الطفل أو التقليل من شأنه أو تجاهله عاطفيًا، مما يؤثر سلبًا على تقديره لذاته وصحته النفسية.
  • الإساءة اللفظية: هي شكل من أشكال الإيذاء العاطفي، وتشمل استخدام كلمات مسيئة أو مهينة أو تحقيرية تُضعف من احترام الطفل لذاته وتؤثر سلبًا على صحته النفسية، مثل السبّ، والسخرية، والتعيير، والتهديد بالكلام.
  • الإهمال: الفشل في توفير الاحتياجات الأساسية مثل الطعام، والمأوى، والرعاية الصحية، والتعليم

 

عوامل الخطورة:

يحدث سوء معاملة الأطفال والمراهقين نتيجة لتفاعل معقد بين عوامل فردية وعائلية ومجتمعية شاملة:

 

  • العوامل الفردية: مثل صغر السن (خاصة دون 4 سنوات)، أو وجود إعاقة، أو اعتبار الطفل مختلفًا أو غير مرغوب فيه من قبل مقدمي الرعاية
  • العوامل العائلية: مثل وجود تاريخ من سوء المعاملة لدى الوالدين، أو ضعف المهارات التربوية، أو مشاكل الصحة النفسية، أو الإدمان، أو الضغوط المالية الشديدة
  • العوامل المجتمعية: مثل الفقر، والعنف المجتمعي، ونقص الدعم الاجتماعي، والازدحام السكاني، ضعف القوانين لحماية الأطفال، أو القبول الثقافي للعقاب الجسدي، أو عدم المساواة بين الجنسين، أو ضعف الوصول إلى التعليم والخدمات الصحية

استراتيجيات الوقاية:

إن الوقاية من سوء المعاملة لا تقتصر على تدخلات الحكومات أو الأنظمة فقط، بل تبدأ من الأسرة ومن معرفة الأطفال والمراهقين بحقوقهم وكيفية حماية أنفسهم وطلب المساعدة عند الحاجة. توضح المصادر أن الأطفال الذين يعرفون حدود جسدهم وحقهم في الأمان يكونون أكثر قدرة على كسر دائرة الإساءة

استراتيجيات للأطفال والمراهقين:

  • إذا تعرّضتَ لأي نوع من أنواع الإيذاء الجسدي أو العاطفي أو اللفظي أو الاستغلال المخلّ، فتذكّر أنك لستَ المخطئ.
  • حاول التحدّث فورًا إلى شخص بالغ تثق به: أحد الوالدين، أحد أفراد العائلة، معلم، مستشار مدرسي أو طبيب
  • إذا شعرت أن من تحدثت معه لم يساعدك بما يكفي، استمر في إخبار شخص آخر تثق به ولا تتوقف حتى تجد من يستمع إليك ويقدّم لك الحماية.
  • من حقك أن تبتعد عن الموقف المؤذي وأن ترفض أي تصرّف يجعلك تشعر بالخوف أو الإهانة، سواء من قريب أو غريب.

 

  • يمكنك كتابة ما تتعرض له في مفكرة إذا شعرت بالخوف من الكلام مباشرة.

أمثلة على الأعراض والمؤشرات لسوء المعاملة:

  • على المدى القصير: كدمات أو جروح غير مبررة، تغيرات مفاجئة في السلوك، صعوبات في النوم، أو خوف مبالغ فيه.
  • على المدى الطويل: قد يعاني بعض الأطفال من الاكتئاب، القلق، مشاكل الثقة بالنفس، تدنّي الأداء الدراسي، أو السلوكيات الخطرة كالإدمان أو إيذاء النفس إذا لم يتلقوا الدعم المبكر

استراتيجيات للآباء وأولياء الأمور:

  • حضور ورش عمل أو محاضرات حول التربية الإيجابية وأساليب التعامل مع الضغوط.
  • استشارة مختص أسري أو أخصائي نفسي إذا لاحظوا علامات إيذاء أو تغييرات في سلوك الطفل.
  • تثقيف الأطفال عن الأمان الجسدي وحدود الخصوصية، وتشجيعهم على التحدث بحرية دون خوف من العقاب أو التوبيخ.
  • تعزيز الروابط الأسرية وخلق بيئة تواصل آمنة تحمي الطفل من الانعزال أو الاستغلال.

دور المدارس والمجتمع:

  • تدريب الكوادر التعليمية ومقدمي الرعاية على اكتشاف الإشارات المبكرة للإيذاء، والتدخل المناسب.
  • إنشاء بيئة مدرسية شاملة وداعمة لجميع الطلاب، خاصة المعرضين لمخاطر نفسية أو سلوكية.
  • توسيع برامج الصحة النفسية وبرامج مواجهة الصدمات النفسية

مفاهيم خاطئة:

  • “فقط الآباء السيئون يسيئون لأطفالهم”:

يمكن أن يحدث سوء المعاملة في أي أسرة، بغض النظر عن خلفيتها أو نوايا الأهل. فقد تؤدي الضغوط الشديدة أو العزلة أو ضعف المعرفة بأساليب التربية إلى تصرفات مؤذية سواء حدثت بقصد أو دون قصد لكنها تظل إساءة وتحتاج إلى التوعية والدعم لتجنبها

 

  • “الإساءة دائمًا واضحة”:

لا تترك الكثير من أشكال الإساءة علامات جسدية خاصة الإساءة العاطفية واللفظية والإهمال، لكنها قد تكون ضارة بنفس القدر على المدى الطويل.

 

  • “الأطفال يبالغون أو يختلقون القصص”:

التقارير الكاذبة أعدادها قليلة. تجاهل أقوال الطفل يمكن أن يُطيل فترة تعرضه للضرر.

 

حلول تمكينية:

للجميع دور في الوقاية من سوء المعاملة ودعم الأطفال المتأثرين:

 

  • أولياء الأمور ومقدمو الرعاية: يمكنهم تثقيف أنفسهم من خلال متابعة المواد التوعوية المقدّمة من الجهات الرسمية الموثوقة حول أساليب التربية والتعامل مع الضغوط النفسية. كما يمكنهم تطبيق مبادئ الانضباط الإيجابي، وهو أسلوب تربوي يقوم على توجيه الطفل وضبط سلوكه دون استخدام العنف أو الإهانة، مع تعزيز الاحترام والتفاهم المتبادل داخل الأسرة.

 

  • المعلمون وموظفو المدارس: يجب تدريبهم على اكتشاف العلامات المبكرة وخلق بيئات تعليمية آمنة وداعمة.

 

  • دور المجتمع: يمكن لأفراد المجتمع الإسهام في الوقاية من سوء معاملة الأطفال والمراهقين من خلال رفض أي شكل من أشكال التعدي أو الإساءة، وعدم التردد في التدخل الإيجابي بإشراك الجهات المختصة عند الضرورة. كما يمكنهم التوعية لمن حولهم بأهمية حماية الأطفال وحقوقهم، والبدء بالتغيير من داخل أسرهم من خلال تثقيف أفراد الأسرة بأسس التربية الإيجابية، بالإضافة إلى المشاركة في العمل التطوعي مع برامج الدعم والرعاية المحلية.

 

  • الأطفال والمراهقون أنفسهم: يمكن تمكينهم للتحدث علنًا، وطلب المساعدة من بالغ يثقون به، والحصول على الدعم النفسي المناسب، والمشاركة في مبادرات يقودها الأقران للحد من العنف وتعزيز الأمان في بيئتهم.

 

الأسئلة الشائعة

متى يجب طلب مساعدة المختصين؟

عليك طلب المساعدة من مختصين أو جهات رسمية في أي وقت تشعر فيه أن سلامتك مهددة أو أن شخصًا آخر يؤذيك عمدًا بأي طريقة سواء بالإيذاء الجسدي أو اللفظي أو النفسي أو الاستغلال غير المناسب.

إذا كنت تشك في أن طفلًا يتعرض للإيذاء أو ظهرت عليه علامات مثل الخوف، أو الانطواء، أو العدوان المفاجئ، أو إصابات غير مبررة، فعليك التواصل فورًا مع خدمات حماية الطفل أو أحد مقدمي الرعاية الصحية.

 

ما هي العلامات المبكرة لسوء المعاملة؟

تشمل العلامات المبكرة التي قد تشير إلى تعرض الطفل أو المراهق لسوء المعاملة: التغيب المتكرر عن المدرسة أو الانقطاع المفاجئ عن الأنشطة المعتادة، التغير الملحوظ في السلوك مثل الانعزال أو العدوانية أو فقدان الاهتمام بالدراسة، سوء النظافة الشخصية، الخوف غير المبرر من بالغين معيّنين، أو ملاحظة تأخر في النمو الجسدي أو العاطفي مقارنة بأقرانه. وبالنسبة للمراهقين، قد تظهر علامات أخرى مثل الانخراط مع أصدقاء السوء، أو بدء تعاطي مواد ضارة أو التدخين أو الانحراف نحو سلوكيات خطرة، وكلها قد تكون مؤشرات على وجود مشكلة أكبر بحاجة إلى تدخّل ودعم مبكر.

 

هل يمكن عكس آثار سوء المعاملة؟

رغم أن آثارها قد تستمر لفترة طويلة، إلا أن التدخل المبكر والدعم المستمر من خلال الاستشارة، والتعليم، والعلاقات الداعمة يمكن أن يساعد الأطفال على التعافي بشكل كبير.

 

هل يُعتبر الانضباط شكلاً من سوء المعاملة؟

أساليب التربية الصارمة لا تعتبر إساءة في حد ذاتها إذا كانت قائمة على التوجيه والاحترام. أما أي عقوبة تستخدم العنف الجسدي أو الإهانة النفسية أو التهديد المفرط فتُعد شكلاً من أشكال سوء المعاملة ويجب تجنبها.

 

الإرشادات

للأطفال والمراهقين:

  • اعرف حقوقك: تذكّر أن العنف وسوء المعاملة غير مقبولين أبدًا، ولك الحق في أن تكون بأمان وتحظى بالدعم.
  • تحدث مع بالغ موثوق: إذا شعرت بأي نوع من الإيذاء الجسدي أو النفسي أو اللفظي أو التحرش أو الاستغلال، فتحدث فورًا مع شخص بالغ موثوق مثل أحد الوالدين، معلم، مرشد مدرسي أو طبيب.
  • استمر في طلب المساعدة: إذا لم يساعدك الشخص الأول، أخبر شخصًا آخر ولا تتوقف حتى تجد من يدعمك ويحميك.
  • اطلب الدعم المهني: لا تتردد في الحصول على استشارة نفسية إذا شعرت بآثار عاطفية أو توتر مستمر بسبب الإساءة.

 

لأولياء الأمور ومقدمي الرعاية:

  • تثقف من مصادر موثوقة: طوّر معلوماتك حول أساليب التربية الإيجابية وكيفية التعامل مع الضغوط النفسية من خلال المواد الإرشادية الصادرة عن الجهات الرسمية.
  • طبّق الانضباط الإيجابي: وهو أسلوب تربوي يقوم على التوجيه وإرساء حدود واضحة دون عنف أو تهديد أو إهانة، مع بناء علاقة احترام متبادل.
  • كن قدوة في الحوار: حفّز طفلك على التحدث بصراحة وطمئنه أنه لن يُعاقَب إذا أخبرك بشيء يقلقه.
  • اطلب المساعدة: إذا لاحظت أي علامة على تعرض طفلك لإساءة أو لاحظت تغيرات غير مبررة في سلوكه، استعن بمختص نفسي أو استشر الجهات المختصة فورًا.

 

للمعلمين وموظفي المدارس:

  • التدريب: تأكد من حصول الكادر التعليمي على تدريب منتظم حول كيفية التعرف على علامات سوء المعاملة وكيفية التدخل والإبلاغ بشكل آمن.
  • بيئة آمنة: ساهم في خلق بيئة تعليمية إيجابية وداعمة تحمي الطلاب من التنمر أو الإساءة أو العنف.

 

لأفراد المجتمع:

  • ارفض أي شكل من أشكال الإساءة: لا تتردد في التدخل الإيجابي وإشراك الجهات المختصة عند الاشتباه بوجود سوء معاملة.
  • التوعية: ساعد في نشر التوعية بين المحيطين بك حول حقوق الأطفال وسبل حمايتهم.
  • ابدأ من منزلك: عزّز ثقافة التربية الإيجابية وخلق بيئة آمنة داخل أسرتك، وشارك في برامج الدعم المجتمعي التطوعية.

موضوعات ذات صلة

الأمراض (Diseases)

سيساعدك هذا الموضوع في التعرف على الأمراض ما هي الأمراض؟ المرض هو: خلل أو اضطراب في بنية الجسم، أو وظائفه،

العلاج الطبيعي (physiotherapy)

سيساعدك هذا الموضوع في التعرف على العلاج الطبيعي ما هو العلاج الطبيعي؟ العلاج الطبيعي هو مهنة رعاية صحية تهدف إلى