من خلال هذه الصفحة سيتم الإجابة على تساؤلاتك عن العنف.
ما هو العنف؟
يُعرّف العنف بأنه الاستخدام المتعمد للقوة الجسدية أو السلطة، سواء كان بالتهديد اللفظي أو التنفيذ الفعلي، وتوجيههما ضد النفس أو ضد أشخاص آخرين سواء أفراد أو مجموعات أو ضد المجتمع، مما يؤدي أو يُحتمل أن يؤدي إلى إصابة، أو وفاة، أو ضرر نفسي، أو خلل في النمو، أو حرمان
الأهمية:
- العنف يُعد من أخطر مشكلات الصحة العامة العالمية، إذ يتجاوز الحدود والثقافات والفئات، ويتسبب في فقدان الأرواح وتزايد الإصابات والإعاقات على مستوى الأفراد والمجتمعات.
- من أبرز آثاره الصدمات النفسية طويلة الأمد مثل الاكتئاب واضطرابات الكرب التالي للصدمة، والتي يعاني منها ضحايا العنف المنزلي أو ضحايا العنف في العلاقات الحميمة.
- كما يؤدي العنف إلى مشكلات تعليمية وسلوكية خطيرة، مثل ضعف التكيف الأكاديمي وضعف الثقة بالنفس خاصة لدى الأطفال المتعرضين للتنمر أو العنف في المدرسة.
- يتحمل المجتمع أعباء اقتصادية كبيرة بسبب التكاليف الصحية المباشرة لعلاج الإصابات والأمراض النفسية الناتجة عن العنف، إضافة إلى فقدان الإنتاجية وتكاليف الرعاية والخدمات المساندة.
- ينعكس العنف على تماسك الأسرة والمجتمع؛ حيث يؤدي إلى تفكك الروابط الأسرية وزيادة العزلة الاجتماعية واضطراب العلاقات مما يقوض أسس الثقة والأمان.
- يشمل ذلك العنف ضد الأطفال والذي يمتد عبر العائلة والمدرسة والمجتمع، وتوثّق الإحصاءات التأثيرات العميقة للعنف على تنمية الطفل وصحته النفسية وسلوكه.
- في بيئات العمل، يؤدي العنف إلى اضطرابات نفسية وإنتاجية منخفضة ويُعتبر من أخطر مسببات الحوادث المهنية والإصابات القاتلة في بعض القطاعات.
- العنف الجنسي وعنف العلاقات يخلّف صدمات نفسية وجسدية ويفرض تحديات كبيرة في العلاج والدعم وإعادة الإدماج، خاصة مع ضعف أنظمة الإبلاغ والحماية في بعض البيئات.
- جميع أشكال العنف تُسهم في زيادة انعدام المساواة وتعميق دوائر الاستغلال والإقصاء، مما يجعل التصدي لها ضرورة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وصحة الأجيال.
أنواع العنف:
1) العنف ضد النفس
يُعد العنف المُوجّه إلى النفس من أخطر أشكال الإيذاء وأكثرها تعقيدًا، لأن ضحيته والجاني فيه شخص واحد، وهو غالبًا انعكاس لتراكم ضغوط نفسية أو اجتماعية لم تُعالَج في وقت مناسب. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يُصنَّف إيذاء النفس كعامل خطر كبير يزيد من احتمالية الانتحار في حال لم يتم التدخل مبكرًا
أشكال العنف ضد النفس الأكثر شيوعًا:
- إيذاء النفس الجسدي: مثل جرح الجسم بآلات حادة، أو الحرق، أو إحداث كدمات عمدًا. ويُلاحظ هذا بشكل أكبر لدى المراهقين والشباب الذين يواجهون صعوبات في التعبير عن الألم النفسي أو إدارة مشاعر الغضب والإحباط.
- تعاطي المخدرات أو الكحوليات: يعد استخدام المواد المؤذية بكميات كبيرة شكلًا من أشكال تدمير الذات، إذ يهدف أحيانًا إلى الهروب من مشاعر الوحدة أو الفشل أو العجز. ووفق تقارير الأمم المتحدة، يرتبط تعاطي المخدرات أيضًا بزيادة العنف الموجّه للآخرين.
- الأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار: تحدث غالبًا نتيجة تراكم مشكلات نفسية مثل الاكتئاب المزمن، الاضطرابات النفسية غير المُشخَّصة، أو التعرض لعنف متكرر. وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن الانتحار يُعد رابع سبب رئيسي للوفاة عالميًا بين المراهقين والشباب.
- كبار السن وإيذاء النفس: غالبًا ما يعاني كبار السن من العزلة الاجتماعية أو الإهمال من أفراد الأسرة أو مقدمي الرعاية، ما قد يؤدي إلى شعورهم باليأس والإقدام على استخدام الأدوية بشكل مفرط أو التوقف عن الرعاية الذاتية عمدًا، مما يعرضهم لخطر المضاعفات الصحية أو الانتحار.
أبرز أسباب العنف ضد النفس:
- التعرّض المبكر للعنف المنزلي أو التنمر دون علاج.
- غياب شبكات الدعم الأسري والاجتماعي.
- الإصابة باضطرابات نفسية لم يُشخصها مختص.
- الفقر والبطالة والإحساس بالعجز.
- ضعف التوعية المجتمعية حول أهمية طلب المساعدة.
حلول عملية للتقليل من إيذاء النفس:
- الفحص النفسي المبكر: تدريب مقدمي الرعاية في المدارس وأماكن العمل لاكتشاف العلامات التحذيرية مثل العزلة أو الحديث عن الأذى الذاتي
- تعزيز التواصل الأسري: تشجيع أفراد الأسرة على تخصيص وقت للاستماع للأبناء وكبار السن، ورصد أي سلوك غير معتاد.
- تسهيل الوصول إلى خطوط المساندة: مثل الخطوط الساخنة المخصصة للوقاية من الانتحار وخدمات العلاج النفسي المجانية أو المدعومة من الجهات الحكومية.
- حملات التوعية: تنظيم ورش عمل في المدارس والجامعات لتعزيز مهارات إدارة الضغوط النفسية بطرق صحية.
2) العنف ضد الغير
يُعد العنف الموجَّه للآخرين من أكثر أنواع العنف انتشارًا عالميًا، ويأخذ صورًا متعددة قد تكون واضحة أو خفية، ويتفاوت تأثيره بين الأذى الجسدي المباشر والضرر النفسي والاجتماعي طويل الأمد. وتشير الأدلة إلى أن الأطفال وكبار السن أكثر الفئات عُرضة لأنماط متعددة من هذا النوع، خاصة في حال غياب الوعي المجتمعي أو ضعف الرقابة.
● العنف الجسدي
التعريف والأمثلة: يشمل أي سلوك يُستخدم فيه الضرب أو التعذيب أو التهديد أو الحجز القسري لإلحاق الأذى الجسدي بشخص آخر. من أمثلته:
- ضرب الزوجة أو الأبناء كوسيلة للسيطرة أو العقاب.
- تقييد حركة المسنّ داخل المنزل أو دور الرعاية.
- استخدام أدوات حادة أو تهديد بالسلاح.
الأسباب:
- غياب القوانين الرادعة أو ضعف تطبيقها.
- التنشئة الاجتماعية التي تبرّر استخدام العنف كوسيلة لحل الخلافات.
- الضغط الاقتصادي أو الإدمان.
الحلول:
- سن وتفعيل قوانين صارمة للعقوبة.
- نشر الوعي في المدارس والأسر بأن العنف الجسدي ليس وسيلة تربوية.
- تدريب مقدمي الرعاية على أساليب التعامل الآمن مع كبار السن والأطفال، مثل احترام خصوصيتهم، وعدم استخدام العقاب الجسدي، وتعلم طرق التهدئة والتواصل الفعّال.
● العنف النفسي
التعريف والأمثلة: يأخذ أشكالًا عديدة مثل الابتزاز، التهديد المستمر، التحقير، والعزل الاجتماعي المتعمد. أمثلته:
- قد يلجأ أحد الزوجين إلى ابتزاز شريكه عاطفيًا أو تهديده بحرمانه من رؤية الأطفال كوسيلة للسيطرة عليه وإجباره على قبول أمور لا يرغب بها.
- إجبار كبار السن على التنازل عن ممتلكاتهم أو أموالهم من خلال إهانتهم المستمرة أو التقليل من شأنهم للضغط عليهم نفسيًا.
- إجبار المراهق على البقاء معزولًا عن أصدقائه أو أسرته لفترات طويلة كطريقة للضغط عليه أو التحكم فيه وحرمانه من التواصل والدعم.
الأسباب:
- ضعف مهارات التواصل الإيجابي داخل الأسرة، مثل تجاهل الاستماع لآراء الأبناء أو رفض الحوار معهم أو التقليل من مشاعر كبار السن.
- التراكمات النفسية أو العقلية غير المعالجة، مثل كبت مشاعر الغضب أو الحزن لفترات طويلة دون طلب مساعدة مختصة.
- الخجل الاجتماعي الذي يمنع البعض من الإفصاح عمّا يتعرضون له وطلب المساعدة. مثل خوف الزوجة من الإبلاغ عن الإيذاء أو تردد المسنّ في الشكوى من إهمال أبنائه.
الحلول:
- إطلاق برامج للإرشاد الأسري تساعد الأهل على حل النزاعات بالحوار، مثل جلسات توعية للأزواج حول التعامل مع الخلافات دون تهديد أو ابتزاز.
- تيسير الوصول إلى خدمات العلاج السلوكي والمعرفي، خاصة لحالات العنف النفسي المزمن أو الابتزاز العاطفي بين الأزواج.
- توعية الفئات الأكثر ضعفًا، مثل كبار السن والنساء، بحقوقهم وآليات الإبلاغ، مثل توفير أرقام خطوط مساندة سرية وسهلة الوصول.
● العنف اللفظي
التعريف والأمثلة: استخدام الكلمات الجارحة مثل الشتائم أو السخرية أو نشر الإشاعات المسيئة بهدف الإهانة أو التقليل من شأن الآخرين، وقد يطال أي شخص لكنه يكون أشد قسوة عندما يُمارَس تجاه من لا يملكون القدرة الكاملة على الرد أو الدفاع عن أنفسهم مثل الأطفال وكبار السن. أمثلته:
- سبّ الأبناء بشكل متكرر.
- وصف كبار السن بألفاظ جارحة تقلل من قيمتهم.
- نشر شائعات مسيئة في بيئة العمل أو المدرسة.
الأسباب:
- التوترات العائلية.
- ضعف الرقابة المدرسية أو المؤسسية.
- عدم وجود عواقب رادعة للمسيئين.
الحلول:
- وضع لوائح واضحة ضد الإساءة اللفظية.
- تدريب المدرسين ومقدمي الرعاية على استخدام أساليب تأديب إيجابية.
- حملات توعية بأهمية الاحترام اللفظي.
● العنف الاقتصادي
التعريف والأمثلة: يُقصد به السيطرة على الموارد المالية أو حرمان الشخص من حقوقه الاقتصادية. من أمثلته:
- منع الزوجة من العمل أو الاستحواذ على راتبها.
- حرمان كبار السن من ممتلكاتهم أو إجبارهم على توقيع تنازلات تحت الضغط.
- منع الأبناء البالغين من حقهم الشرعي في الميراث.
الأسباب:
- غياب الوصاية القانونية الرشيدة.
- ضعف الثقافة القانونية لدى الضحية.
- استغلال حاجة كبار السن أو النساء للمعيل.
الحلول:
- سن قوانين واضحة لحماية حقوق الملكية والدخل، مع تشديد العقوبات على من يثبت استغلاله المالي للغير.
- توفير خدمات استشارات قانونية مجانية أو منخفضة التكلفة، لمساعدة كبار السن والنساء على معرفة حقوقهم وكيفية حمايتها.
- تشجيع كبار السن على تنظيم أمورهم المالية مسبقًا، مثل كتابة وصايا قانونية أو توكيلات موثوقة، مع إشراك شخص موثوق لمتابعة تنفيذها.
- إطلاق حملات توعية حول حقوق الملكية وكيفية الإبلاغ عن أي استغلال مالي داخل الأسرة أو في دور الرعاية.
● العنف الجنسي
التعريف والأمثلة: يشمل العنف الجنسي أي فعل ذي طابع جنسي يتم بالإكراه أو من خلال استغلال حاجة الضحية أو ضعفها أو عدم قدرتها على الرفض والدفاع عن نفسها. ومن أمثلته:
- التعرض للتحرش أو الاعتداء داخل بيئة العمل أو المدارس.
- استغلال ضعف كبار السن في بعض دور الرعاية.
- التعدي على الأطفال داخل المنزل أو الأماكن العامة.
الأسباب:
- ضعف الرقابة داخل الأسرة أو المؤسسات، مما يتيح الفرصة للمعتدي.
- تردد الضحية في الإبلاغ بسبب الخوف من الفضيحة أو التعرض للوصمة الاجتماعية.
- إساءة استخدام السلطة أو النفوذ أو استغلال الضعف البدني أو النفسي لدى الضحية لتحقيق غايات مسيئة.
الحلول:
- تدريب مقدمي الرعاية والعاملين في المدارس وأماكن العمل على اكتشاف مؤشرات التعرض للعنف الجنسي وكيفية التعامل مع الحالات بسرية وأمان.
- سن قوانين واضحة وصارمة لحماية الضحايا ومعاقبة المعتدين، وتسهيل إجراءات الإبلاغ دون خوف من التبعات.
- توفير برامج دعم نفسي واجتماعي للناجين لمساعدتهم على التعافي واستعادة حياتهم بثقة.
العنف الإلكتروني
التعريف والأمثلة: ويشمل الإساءة عبر الإنترنت مثل التهديد، الابتزاز، سرقة البيانات، أو التنمر الرقمي. من أمثلته:
- تسريب صور خاصة للابتزاز.
- التنمر على الأطفال في الألعاب أو وسائل التواصل.
- الاحتيال المالي على كبار السن من خلال الرسائل الوهمية.
الأسباب:
- نقص الوعي بأساسيات الأمان الرقمي وكيفية حماية المعلومات الشخصية على الإنترنت.
- الثقة المفرطة في التعامل مع الغرباء عبر وسائل التواصل أو الألعاب الإلكترونية.
- عدم معرفة الضحايا بالطريقة الصحيحة للإبلاغ عن الابتزاز أو التنمر الإلكتروني أو تخوفهم من العواقب.
الحلول:
- تنظيم حملات توعية مستمرة لجميع الفئات حول حماية الخصوصية الرقمية، مثل كيفية إعداد كلمات مرور قوية وعدم مشاركة المعلومات الشخصية مع الغرباء.
- وضع قوانين واضحة وصارمة لمعاقبة الجرائم الإلكترونية مثل الابتزاز أو التنمر، مع تيسير إجراءات الإبلاغ.
- توفير برامج تدريبية موجهة لكبار السن لمساعدتهم على استخدام الإنترنت بأمان وتجنّب الوقوع ضحية للاحتيال الرقمي أو سرقة البيانات.
3) العنف الجماعي
يُقصد بالعنف الجماعي كل فعل عنيف تُمارسه مجموعة منظمة أو جماعة ضد أفراد أو جماعات بهدف الإيذاء المادي أو النفسي أو التهجير أو الإبادة لأسباب عرقية أو طائفية أو سياسية. ويعد هذا النوع من أخطر أشكال العنف لأنه يرتبط غالبًا بصراعات واسعة النطاق ويخلّف آثارًا نفسية واجتماعية طويلة الأمد.
أمثلة على العنف الجماعي:
- النزاعات المسلحة التي تستهدف قرى أو مناطق سكنية كاملة.
- الهجمات الطائفية أو الدينية ضد أقلية عرقية.
- أعمال الإرهاب المنظمة التي تستهدف مدنيين.
- تجنيد الأطفال إجباريًا للمشاركة في النزاعات المسلحة.
- تهجير كبار السن من مساكنهم أو إهمالهم في مناطق الصراع، مما يجعلهم فئة شديدة الهشاشة في أوقات النزاعات.
الأسباب:
- الصراعات السياسية المستمرة وضعف استقرار الحكومات.
- التحريض على الكراهية العرقية أو الدينية من قِبل جماعات متطرفة.
- الفقر والبطالة التي تزيد من فرص استقطاب الشباب للمشاركة في أعمال العنف.
- ضعف القوانين الدولية أو غياب آليات محاسبة الجناة في النزاعات.
الحلول:
- وضع سياسات دولية لحماية المدنيين: من خلال تطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان واتفاقيات حماية اللاجئين في مناطق النزاعات.
- برامج إعادة التأهيل: تقديم خدمات دعم نفسي واجتماعي للناجين، خاصة الأطفال وكبار السن الذين يحتاجون إلى بيئة آمنة لإعادة الدمج في المجتمع.
- تعزيز آليات المراقبة: عبر المنظمات الدولية والمحلية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان ومحاسبة المسؤولين.
- رفع الوعي المجتمعي: بتنفيذ حملات إعلامية تشجع على التسامح ونبذ خطاب الكراهية والطائفية.
- الاستثمار في التنمية: معالجة الأسباب الجذرية مثل الفقر والبطالة لتحصين الفئات الشابة من الاستقطاب.
عوامل الخطورة:
يُعد فهم عوامل الخطورة المرتبطة بالعنف أمرًا أساسيًا للوقاية. ويمكن أن تعمل هذه العوامل على مستوى الفرد، والأسرة، والمجتمعات الصغيرة، والكبيرة.
- العوامل الشخصية:
الأفراد الذين يعانون من تدنّي تقدير الذات، أو لديهم تاريخ من التعرض للعنف، أو اضطرابات نفسية غير معالجة مثل الاكتئاب الحاد أو اضطرابات الغضب أو اضطراب ما بعد الصدمة، يكونون أكثر عرضة لممارسة أو التعرض للعنف. كما تساهم قلة النضج العاطفي وضعف القدرة على ضبط النفس في زيادة احتمالية السلوك العنيف - العوامل الأسرية والاجتماعية:
الأسر التي يسودها الإهمال أو النزاع المتكرر أو تعاطي المخدرات أو العنف المنزلي تخلق بيئة تُطبع العنف كأمر طبيعي. كما تسهم الضغوط الاجتماعية مثل ضغط الأقران، والعزلة، والتمييز في رفع مستوى الخطر - العوامل النفسية:
قد يؤدي التعرض للإهمال العاطفي أو الصدمات النفسية في الطفولة، أو اضطرابات التعلق، إلى تراكم مشاعر الغضب الداخلي وفقدان الثقة أو غياب التعاطف، وهي سمات مرتبطة غالبًا بسلوك عدواني في مرحلة المراهقة والبلوغ. وتشير مراجعة منهجية حديثة أن بعض الأمراض النفسية قد تؤدي للعنف، فوفقًا للدراسات نجد أن اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (ASPD) يرتبط بارتفاع كبير في احتمالات العنف تجاه الآخرين نحو 7.6 أضعاف المعدل الطبيعي، بينما يرتبط اضطراب الشخصية الحدية (BPD) بزيادة واضحة في الاعتماد على إيذاء النفس وأحيانًا العنف ضد الآخرين.
- العوامل البيئية:
يُسهم الفقر، وقلة التعليم، وعدم الاستقرار السياسي، والتعرض للنزاعات المسلحة، وسهولة الوصول إلى الأسلحة في زيادة احتمال حدوث العنف بشكل كبير. كما تكون المجتمعات التي تعاني من ضعف في البنية التحتية وغياب فعالية إنفاذ القانون أكثر عرضة للعنف أيضًا
استراتيجيات الوقاية والحماية من العنف:
تتطلب الوقاية من العنف تدخلات متكاملة تشمل القوانين، التوعية، دعم المجتمع، وكذلك تمكين الأفراد من حماية أنفسهم وعدم التزام الصمت عند التعرض للخطر.
1- السياسات والإجراءات القانونية
تُعد القوانين الرادعة حجر الأساس لمكافحة العنف، إذ تضمن محاسبة الجناة ودعم الضحايا. ويُعد تطبيق سياسات عدم التسامح في المدارس وأماكن العمل أداة مهمة لتقليل فرص وقوع العنف. كما يسهم توفير قنوات آمنة للإبلاغ مثل الخطوط الساخنة والمنصات الإلكترونية في تشجيع الضحايا على طلب المساعدة وعدم التهاون مع المعتدي.
2- التوعية والتعليم
التوعية هي الخطوة الأولى لكسر دائرة العنف، إذ تساهم الحملات العامة في تغيير المعتقدات المجتمعية الخاطئة وتعزز ثقافة الاحترام. وتساعد البرامج المدرسية التي تعلّم الطلاب مهارات التعاطف وحل النزاعات في الحد من التنمر بين الأطفال. كما يلعب تدريب الوالدين على التربية الإيجابية دورًا محوريًا في خلق بيئة آمنة داخل الأسرة .
3- الوقاية داخل الأسرة
توصي الأدلة الوطنية والدولية بأن الأسرة هي الخط الأول للوقاية؛ ويشمل ذلك:
- تبني التربية السليمة القائمة على التعاطف والاحترام.
- أن يكون الوالدان قدوة حسنة في السلوك وضبط النفس.
- تجنب أساليب العنف الجسدي أو اللفظي في التربية واستبدالها بأسلوب الحوار والتفاهم .
- ملاحظة أي سلوكيات عنيفة قد تظهر على الأطفال والتدخل مبكرًا بالتوجيه والدعم النفسي .
4- الدعم المجتمعي والتدخل المبكر
تُعد المراكز المجتمعية ودور الإيواء حائط صد أوليّ لحماية الضحايا وتوفير الدعم القانوني والنفسي لهم . كما تسهم البرامج الموجهة للفئات الأكثر عرضة للخطر في كسر دوائر العنف قبل تفاقمها .
5- تمكين الأفراد من حماية أنفسهم
من المهم تمكين كل فرد من الدفاع عن نفسه عبر:
- طلب المساعدة دون تردد عند الشعور بالتهديد أو الأذى.
- عدم التزام الصمت والذهاب لشخص بالغ موثوق مثل الأهل أو المعلمين أو المستشارين الاجتماعيين .
- التعرف على الموارد القانونية والإبلاغ الآمن والحفاظ على التواصل مع الأصدقاء والداعمين.
- تطوير المهارات الاجتماعية والنفسية التي تقلل من العزلة وتعزز مقاومة الضغوط النفسية.
المفاهيم الخاطئة حول العنف:
- “العنف يقتصر على الأذى الجسدي فقط.” هذا الاعتقاد يغفل أشكالًا أخرى من الأذى لا تقل خطورة. فالتلاعب العاطفي، والضغط النفسي، والسيطرة المالية قد لا تترك آثارًا واضحة على الجسد، لكنها تُسبب ضررًا عميقًا للصحة النفسية، وتؤثر على الثقة بالنفس والقدرة على ممارسة الحياة اليومية بشكل طبيعي.
- “العنف شأن خاص لا يهم الآخرين.” رغم أن الأذى قد يحدث في إطار شخصي، إلا أن آثاره تمتد لتشمل الأسرة، ومكان العمل، والمجتمع بأكمله. إنه تحدٍّ صحي واجتماعي يتطلب وعيًا جماعيًا وحلولًا شاملة، لا مجرد محاولات فردية للتكيف.
- “النساء فقط هنّ من يتعرضن للعنف.” مع أن النساء غالبًا ما يُبلّغن عن الإساءة أكثر، إلا أن كثيرًا من الرجال والأطفال يواجهون الأذى كذلك. لكن بسبب الوصمة الاجتماعية والصور النمطية، قد يترددون في الإفصاح أو طلب الدعم، مما يزيد من معاناتهم ويؤخر حصولهم على الحماية اللازمة.
حلول تمكينية: كيف يمكن التعامل مع العنف؟
لمواجهة العنف بجميع أشكاله، لا بد من تمكين الأفراد والأسر والمؤسسات بحلول عملية تُمكّنهم من كسر دائرة الإيذاء، والتعافي، وبناء بيئة أكثر أمانًا وإنصافًا. يشمل التمكين عدة مستويات:
تمكين الأفراد:
- الاعتراف بوجود العنف كخطوة أولى ضرورية للتغيير.
- اتخاذ خطوات شجاعة للإبلاغ وطلب الدعم النفسي والاجتماعي.
- تعزيز الثقة بالنفس وتنمية مهارات التواصل الحازم.
- بناء علاقات صحية تقوم على الاحترام المتبادل.
- الاستفادة من خدمات الاستشارات والانضمام إلى مجموعات دعم.
- التواصل مع الجهات المختصة لتأمين الحماية القانونية والنفسية.
تمكين الأسرة:
- تعزيز الحوار المفتوح داخل الأسرة والتشجيع على التعبير عن المشاعر.
- تنمية وعي الوالدين والأبناء بمفهوم العنف وحدوده .
- تنمية مهارات حل النزاعات الأسرية بطرق سلمية.
- تعزيز الاحترام المتبادل داخل الأسرة.
- تقديم الآباء نموذجًا وقدوة في نبذ العنف وإرساء ثقافة اللطف والانضباط غير المؤذي.
تمكين المؤسسات والمجتمع:
- سنّ وتطبيق سياسات واضحة وصارمة ضد جميع أشكال العنف.
- تسهيل قنوات الإبلاغ الآمن والوصول إلى العدالة.
- تدريب الكوادر في القطاعات المختلفة على اكتشاف علامات العنف والتعامل معها بفعالية.
- الاستثمار في حملات التوعية العامة لتغيير المفاهيم المجتمعية الخاطئة.
- تعزيز التعاون والتكامل بين القطاعات الصحية والتعليمية والقضائية.
- توفير مراكز الحماية والإيواء وخدمات الدعم النفسي والقانوني.
الأسئلة الشائعة:
- 1. هل يمكن أن يؤثر العنف على الأشخاص دون وجود علامات جسدية؟ نعم. العديد من أشكال العنف – مثل العنف العاطفي أو الاقتصادي أو النفسي – لا تترك آثارًا جسدية لكنها تؤثر بعمق على الصحة النفسية.
- ماذا أفعل إذا شاهدت عنفًا؟ احرص أولًا على سلامتك. ثم بلّغ الجهات المعنية أو خطوط المساعدة. تقديم الدعم العاطفي للضحية يمكن أن يكون مفيدًا أيضًا.
- 3. هل يُعتبر التنمر شكلًا من أشكال العنف؟ نعم. يُعد التنمر – خاصةً إذا كان متكررًا ومتعمدًا – نوعًا من العنف العاطفي وأحيانًا الجسدي
متى يتم مراجعة المختصين؟
يُوصى بالتوجه إلى مختصين في الصحة النفسية أو الاجتماعية في الحالات التالية:
- عندما يعاني الفرد من خوف مستمر، أو قلق مفرط، أو مشاعر اكتئاب متواصلة تؤثر على قدرته على العمل أو الدراسة أو التواصل الاجتماعي. فقد تؤدي التعرضات المتكررة للعنف، حتى غير الجسدي، إلى اضطرابات نفسية طويلة الأمد مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وهو ما يتطلب تدخلًا علاجيًا متخصصًا
- في حال ظهور إصابات جسدية أو تلقي تهديدات صريحة، سواء داخل المنزل أو بيئة العمل أو المدرسة، فهذه مؤشرات واضحة على وجود خطر مباشر يستدعي الإبلاغ الفوري والحماية القانونية
- إذا شهد الشخص أو تعرض شخصيًا لأي شكل من أشكال الإيذاء أو الإهمال، خاصة في سياق التنمر أو العنف الأسري أو العنف ضد الأطفال، فقد يؤدي عدم التعامل مع هذه التجارب مبكرًا إلى آثار نفسية وسلوكية خطيرة على المدى الطويل، بما في ذلك إيذاء الذات، تعاطي المخدرات، أو محاولات الانتحار
- عند ملاحظة تغيرات سلوكية غير معتادة لدى الطفل أو المراهق، مثل الانعزال المفاجئ، أو انخفاض الأداء الدراسي، أو اضطرابات النوم، فقد تكون هذه مؤشرات على تعرضه للعنف أو التنمر وتتطلب تدخلاً من اختصاصي نفسي أو اجتماعي
إرشادات
- اعرف حقوقك جيدًا.
- لا تصمت إذا تعرضت للإساءة.
- تحدّث مع شخص موثوق أو مختص.
- استخدم القنوات الرسمية وخطوط المساعدة.
- شارك الآخرين المعلومات لرفع الوعي.
- ساعد من حولك إذا كانوا معرضين للخطر.